قسطنطين الحادى عشر.. الإمبراطور العائد ليحرر مملكته
ولد الإمبراطور قسطنطين الحادى عشر- آخر إمبراطور لبيزنطيا، والابن الثامن عشر من زوجة الإمبراطور مانويل الثانى، الصربية هيلينا دراجس، عام 1404م، وقضى طفولته فى القسطنطينية فى كنف والده الإمبراطور، وتم تنصيبه على إمبراطورية بيزنطيا، فى الفترة من 1449 حتى وفاته عام 1453، والذى فى عهده سقطت القسطنطينية على أيدى المسلمين العثمانيين بمدينة القسطنطينية.
وتولى قسطنطين حكم المورة، فى أكتوبر 1443م، أثناء إقامته بقلعة ميسترا الحصينة، حيث عمل جاهدًا على ترميمها وتقوية تحصيناتها ودفاعاتها قبل أن يهاجم دوقية أثينا اللاتينية فى صيف 1444، واستولى على ثيبس وأثينا، وأجبر دوقها الفلورنسى نيريو على دفع الجزية، حتى وضع العثمانيون حدًا لتوسع إمارة المورة فى خريف عام 1446 بمهاجمتهم “المورة” بـ 50 ألف جندى.
وركز العثمانيون مدفعيتهم صوب أسوار وتحصينات الهيكسميليون حتى دمروها، وهرب قسطنطين وأخاه توماس بصعوبة، فى الوقت الذى استعد فيه السلطان مراد لاجتياح المورة وضمها إلى السلطنة، غير أن حلول الشتاء والطقس السيئ حال دون تنفيذ مشروعه، وبذلك نجت إمارة المورة من الاجتياح العثمانى وتقوضت طموحاتها فى التوسع.
جدير بالذكر، أن قسطنطين الحادى عشر، تزوج مرتين، كانت المرة الأولى فى 1 يوليو عام 1428 من “مادلينا توكو” التى توفيت فى نوفمبر 1429، فتزوج بعدها من “كاترينا جاتيلوسيا، ولم ينجب من كلتا الزيجتين.
وعلى الرغم من الصعوبات الداخلية والخارجية، خلال فترة حكمه التى بلغت ذروتها بسقوط القسطنطينية، إلا أن استبساله فى الدفاع عن عاصمته “التالدة”، جعلت كل المصادر التاريخية المعاصرة له تذكره باحترام شديد.
وعندما توفى شقيقه الإمبراطور يوحنا الثامن، وقع النزاع بين قسطنطين وشقيقه ديمتريوس على وراثة العرش، فقامت الإمبراطورة هيلينا- والدة الأميرين والوصية على العرش- بمطالبة السلطان العثمانى مراد الثانى، بالتحكيم بين ولديها الأميرين، فاختار السلطان “قسطنطين” لتولى العرش، وتوج بعدها إمبراطورًا، وأقيم حفل التنصيب فى ميسترا، والتى كانت سابقةً بأن يتم تتويج الإمبراطور “خارج القسطنطينية” ودون مثول بطريرك الكنيسة الأرثوذكسيه.
وعقب توفى السلطان مراد عام 1451؛ خلفه ولده محمد الثانى، والذى ساءت فى عهده العلاقة بين الدولة العثمانية وبيزنطة، فقرر السلطان محمد مراد حسم الأمر عسكريا، وبدأ فى حشد الجيوش لافتتاح القسطنطينية، وفى شتاء 1452، أكمل السلطان محمد مراد، بناء قلعة “روم إيلى حصار” على الجانب الأوروبى من خليج البوسفور تمهيدًا لحصار المدينة.
واستنجد قسطنطين- فى تلك الأثناء- بالغرب المسيحى للدفاع عن عاصمته، وأكد على التزامه بمبدأ الوحدة بين الكنيسة الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية، حتى وصلته بالفعل “فرق قليلة من المرتزقة” من شمال إيطاليا وبعض المدن الأوربية الأخرى، إلا أن مشاركة أوروبا المسيحية فى واجب الدفاع عن القسطنطينية، كان لا يضارع جيش العثمانيين المتفوق عددًا وعدة فى تلك المعركة.
كما استنجد قسطنطين بأشقائه أمراء المورة، إلا أن محاولته باءت بالفشل مرة أخرى نتيجة تهديد العثمايين لهم، إلى أن بدأ الحصار العثمانى لمدينة القسطنطينية فى شتاء عام 1453.
وبعد وصول الجيوش العثمانية أمام أسوار القسطنطينية، أرسل السلطان “رسولا” إلى الإمبراطور يعرض عليه تسليم المدينة بالأمان، وفى المقابل يترك له حكم مدينة ميسترا، إلا أن المفاوضات باءت بالفشل بسبب رفض الإمبراطور مقترح السلطان، وأبى إلا الدفاع عن عاصمته، وقاد بنفسه عملية الدفاع عن أسوار المدينة وبث الحماس وروح الوحدة بين الجنود اليونانيين والجنود الجنويين، والبنادقة، إلى أن سقطت القسطنطينية فى 29 مايو عام 1453.
وعبثا، حاول الإمبراطور أن يجمع شتات جيشه المنهزم، فتجمع حوله نفر قليل من جنوده المخلصين، ويقال أنه نزع رداءه الملكى الإرجوانى وقام بالهجوم وجنوده على الجيوش العثمانية، إلا أن بعض المسيحيين قالوا أن ملاكا من السماء قد أنقذ الامبرطور من الموت، وأنه سيعود يوما ليحرر مملكته.