ثقافة عامة

بالفيديو .. العبقرية تحت “الميكروسكوب”

بالفيديو .. العبقرية تحت “الميكروسكوب”

بالفيديو .. العبقرية تحت “الميكروسكوب”

انتقلت البشرية فى القرن العشرين فقط على مستويات العلم والحضارة والتكنولوجيا، ما يكافئ انتقالاتها المتتابعة طيلة تاريخ وجودها على الأرض، وساهم فى هذه القفزات العلمية المفارقة للعادى والقافزة فوق كل الخطوط، كثيرون من الحالمين والمبدعين والعلماء الاستثنائيين، والذين كان يقف فى القلب منهم “ألبرت أينشتاين”.
كان أينشتاين أحد أهم علماء عصره – وربما علماء التاريخ البشرى – وكان فيزيائيًّا فذًّا ساهم فى تطوير الأبحاث المرتبطة بمجالات الطاقة والسرعة والضوء وعلاقتها ببعضها، وهو ما أنتج المعرفة النووية والفضائية وتطوير وسائل النقل وميكانيكا الكم وغيرها، فاستحق أن يكون واحدًا من كبار العلماء، وصاحب دماغ من أعظم الأدمغة، ولكن رغم استثنائيته فلم يكن متوقّعًا أن تتمّ سرقته بهذا الشكل، فلم يسرق اللصوص ماله أو منزله أو نظرية من نظرياته وإنتاجات دماغه العبقرية، وإنما سرقوا الدماغ نفسها.

* العزف بالفيزياء

فى طفولته كان أينشتاين مولعًا بالموسيقى وليس بالفيزياء، حتى إنه قال: “لو لم أكن عالم فيزياء لكنت على الأرجح موسيقيًّا”، إلا أن حياته قد اختلفت تمامًا عندما أُعطى كتابه الأول فى الفيزياء، فتبدّل الأمر والميول والاهتمامات، ليصبح موسيقارًا أيضًا، ولكنه هذه المرّة يسيطر على موسيقى الكون من خلال الأرقام والحسابات.
وهكذا عاش أينشتاين يرى ويفكر ويقيم علاقات بين الأشياء والأرقام والتفاصيل، وظل على دأبه هذا دون انقطاع أو كلل، فدوّن ملاحظاته الأخيرة بالألمانية فى الـ 76 من عمره، إلى أن توفى فى صمت، وعند مراسم حرق الجثمان، لم يدرك أهله أن الجثمان داخل النعش لم يكن كاملاً.

إقرأ أيضا:حبس الدائن ودفن الميت حيا.. أحكام “قراقوش” التى أصابت سامعيها بالجنون

* سرقة الدماغ

توفى ألبرت أينشتاين فى أبريل عام 1955، وبعد ساعات قليلة على وفاته اختفت دماغه “المخ” التى تزن 1250 جرامًا.
كان الدكتور الأمريكى توماس هارفى هو المتابع لحالة أينشتاين فى أواخر أيامه، وهو أيضًا من قام بتشريح جثمانه، وأخفى الملف الخاص بعملية التشريح التى صارت لغزًا حتى الآن، وأثارت سؤالاً كبيرًا بعد اكتشاف ما تمّ، هل أراد “هارفى” أن ينقذ أعظم دماغ عرفته البشرية أم انه أرتكب أبشع جريمة سرقة عرفها التاريخ؟!.
حقن الدكتور هارفى خلايا مخ أينشتاين – بعد أن انتزعه من دماغه أثناء عملية التشريح – بالسائل الحافظ، وأخذ له العديد من الصور من زوايا مختلفة، ومن ثمّ قام بتجزئته إلى 240 جزءًا ليتم فحصهم تحت المجهر.
كان البعض يظنون أن عبقرية ألبرت أينشتاين قد جاءت من عقله الواعى، أو من دماغه، أما البعض الآخر فيظنون أنها قادمة من أفكاره ولا علاقة لتشريح دماغه بالأمر، بينما اكتشف العلماء أن هناك نوعين من الخلايا فى الدماغ: الخلايا العصبية و الخلايا “الغروية”، والتى عدّها كثيرون من العلماء – ومنهم الدكتورة ماريون دايموند – هى الأهم والأكثر تأثيرًا ومحورية فى دماغ الإنسان، إذ أنها هى التى تصلح التالف من الخلايا العصبية وتعزلها فى مكانها الصحيح، فتعمل كعوازل كهربائية، وهى أيضًا التى تزيد من سرعة النبضات وتصلح دوائر الدماغ المعقدة، وبذلك فإن الخلايا الغروية تزداد أعدادها مع التطور الذهنى، وبالتالى تزيد من نشاط الدماغ، وهذا بالضبط ما كان مخبّأً فى دماغ ألبرت أينشتاين، إذ اكتشفت الدكتورة دايموند أن لديه العديد من تلك الخلايا.

إقرأ أيضا:احذر! المواد الحافظة ومكسبات الطعم والرائحة المضافة على الأغذية الصناعية تسبب السرطان

* دهشة الطفولة

عندما سُئِل أينشتاين مرة عن سرّ عبقريته، أجاب بأنه يطرح فقط تلك التساؤلات البديهية للأطفال، مثل: هل نستطيع أن نسبق الضوء؟، كيف ستكون الساعة فى كوكب المريخ أو زحل مثلاً عندما تكون الساعة الثانية عشرة ظهرًا على كوكب الأرض؟!.
بهذا المنطق الذى يقيم أهمية للخيال والوعى والدهشة، فإن العبقرية تكمن فيما وراء التكوين البيولوجى، و يمكن أن ننسبها كاملة إلى الخيال الذى يفتح لنا أفقًا لا حدود له، وعلى حدّ قول أينشتاين: “إن المنطق يمكنه أن يفسر لك الأمر من الألف إلى الياء، إلا أن الخيال يسافر بك فى كل الأماكن” – “Logic will get you from A to Z, Imagination will get you everywhere”.
حاول العلماء – فى أثناء حياة ألبرت أينشتاين – تحليل نشاطه الدماغى أثناء التفكير والعمل، ولم يستطع العلم حينها وفقًا لتقنياته وتطوّره غير الكبير مقارنة بالآن، أن يجد حقيقة دامغة أو يضع يده على أى تغيّر بيولوجى، سواء فى تشريح الدماغ أو فى طريقة عمله، ولهذا أرجع بعض العلماء سرّ عبقرية أينشتاين إلى طبيعته الخاصة وشخصيته المتفرّدة التى يصفها البعض بالقريبة من مرضى “التوحد”، فهو ذلك الطفل الذى تأخّر فى مهارة الكلام ولم ينطق بوضوح قبل سن الخامسة، ولذلك يُرجّح البعض أنه قريب أكثر إلى المتوحدين المعروفين بعبقريتهم الرياضية، نظرًا لقدرتهم الهائلة على التركيز، لانعزالهم عن العالم حولهم، إلا أن الفحص البيو كيميائى لأينشتاين يثبت أنه لا يمكن أن يكون مصابًا بالتوحّد.
بعد كثير من الفحص وجد العلماء أن قشور دماغ أينشتاين الجدارية – فى المنطقة فوق الأذنين تحديدًا – تُعدّ أكبر من الطبيعى بما يصل لـ 15%، وهذه المناطق هى المعنيّة بالمسائل الرياضية والبرمجة، وربما نمت هذه الأجزاء لأنه يُمرّنها، ولهذا السبب بالتحديد زادت فى نفس المنطقة “الخلايا الغروية” التى اكتشفتها الدكتورة ماريون دايموند، إلا أن دماغه بشكل عام لا يُعدّ كبيرًا عن الحجم الطبيعى، باستثناء منطقة القشور الجدارية.
وبعد كل هذه المحاولات والأبحاث والدراسات والمشاهدات، ظلت القضية الأخلاقية التى تطرحها عملية سرقة دماغ أينشتاين قائمة وماثلة، وأثبت الزمن أن عملية السرقة كانت مُدبّرة ولم تكن عفوية، وأنها تمت بعلم من أقرب أصدقاء أينشتاين، وهو “أوتونيثان” الذى عرف هو والدكتور “هارفى” – طبيب أينشتاين ومن قام بتشريح الجثة – أن دماغ أينشتاين فريدة من نوعها، وأنه لابد من حفظها حتى تتم دراستها والاطلاع على عبقريته كفائدة ومعرفة للعالم أجمع.

إقرأ أيضا:87 عامًا على مولده.. يوسف إدريس.. طبيب أغوته “ندّاهة” الأدب

 

السابق
“فستان فرح”.. رواية جسدت معاناة المصريين قبل ثورة يناير!
التالي
الذكاء يكمن فى أصابع اليد